الثلاثاء، 18 أبريل 2017

حمام شيخو مع الطواف

نحن اليوم بصدد حمام من الحمامات التي اندثرت منذ زمن بعيد ولكنني أحب اعادة توثيق الاثار النادرة وايضا المختفية ولذلك اعددت هذا المقال عن هذا الحمام النادر بخانقاة الامير شيخو
وكلنا نتذكر المعلم الصفدي في قصة الزيني بركات للغيطاني عندما قال نحمدك يارب جرت الامور كما نشتهي
يبحث الشيخ القصبي عن عصاه 
الليلة في الحمام ان شاء الله ... نغطس في الماء الساخن نتطهر حتي نلقي المحتسب الجديد أطهارا أبرارا .. عند مروره علينا ... رد محمود اللبان : أنت تبغي استرداد عافيتك ... وطرد الرطوبة (1)
ويتحدث غوستاف لوبون في كتابة حضارة العرب عن الحمامات ...ويقول حمامات الشرق أفضل من حمامات الغرب صحة وراحة وهي عدا ذلك محل للاجتماع والمحادثة ويوصف الحمام قائلا :- ويوجد متكأ كبير في ردهة الحمام حيث يستريح المستحم ويخلع ثيابة وتحفظ , وتري فسقية من الرخام في الوسط , ويتلفف المستحم بمنشفة , وينتعل نعلاء من الخشب وهنا يقصد القبقاب , ويدخل غرفة تبلغ حرارتها نحو خمسين درجة , ويستلقي علي بلاطة من الرخام ويمسد , ثم يدخل غرفة ثالثة ويدلك جسمه , ويغسل بالصابون ويتوضأ , ويصب الماء الفاتر والبارد عليه غير مرة , ثم يعود الي تلك الردهه ويستلقي علي ذلك المتكأ مشتملا بالمناشف ويشرب النارجيلة والقهوة , ويختم قائلا : فنتمني أن يشتمل جميع مدن أوروبا المهمة علي مثل تلك الحمامات(2). 

وكلنا نتذكر مسلسل الزيني بركات في اول حلقة وتجسيد الفنان نبيل الحلفاوي في شخصية زكريا بن راضي وامامة الفنان محمد ابو العينين في تجسيد دور علي بن أبي الجود 

يقول ابن اياس في بدائع الزهور وفي يوم مستهله خلع السلطان علي علي بن أبي الجود وقرره في نظر الاوقاف عوضا عن محمد بن يوسف فتزايدت عظمة علي بن أبي الجود , ولبس الطوق وركب الخيول بالاخفاف والمهاميز وصار يعد من جملة رؤساء مصر , فاجتمع فيه وكالة بيت المال , ونظر الاوقاف , وبرددارية السلطان , وتكلم في ديوان الوزارة والاستادارية وديوان الخاص , وغير ذلك من الوظائف فاجتمعت فيه الكلمة وتصرف في أمور المملكة بما يختار(3). 
وكان أبوة أصلة نجارا يقال له المعلم حسن , ثم عمل علي صنعة الحلوي , وسمي نفسة أبو الجود وأقام مدة طويلة يبيع الحلوي علي باب حمام شيخو واستمر علي ذلك حتي مات فاستقر ابنه علي في دكانه وكان يقلي المشبك بيدة في رمضان واستمر علي ذلك مدة طويلة ثم انه تكلم في بعض جهات الوزر , وابطل بيع الحلوي , ثم بقي برددارية الامير طومان باي لما كان دوادارا كبيرا , فلما تسلطن وقرر في الدوادارية الكبري الامير قانصوة الغوري سعي عنده في البرددارية , فلما تسلطن الغوري حظي عنده وطاش وجري منه من الظلم علي الناس (4). 

ثم تغير خاطر السلطان علي العلاء علي بن أبي الجود ووكل به بطبقة الخازندار , ثم قبض علي حاشيتة وغلمانه , وختم علي حواصله وبيوته, ورسم علي نسائه , وأحاط به البلاء من كل جانب(5). 
ثم ان السلطان سلم علي بن أبي الجود الي الحاج بركات بن موسي ليعاقبة ويستخلص منه الاموال فنزلوا به من القلعة وهو في الحديد وتوجهوا به الي دار بركات بن موسي ثم في يوم اخر عرض السلطان علي بن أبي الجود بالحوش وضربة بالمقارع عشرين شبيبا حتي خرق جنبه واشرف علي الموت (6) .
وفي ذي القعدة رسم السلطان بنقل علي بن أبي الجود الي بيت الوالي ليعاقبة فلما تسلمة الوالي عصرة في رجلية ويدية حتي أورد بعض شئ من المال الذي قرر عليه (7) .
وفي سنة تسع وتسعمائة هجري (1503-1504م) في يوم الاثنين ثالث عشرينه رسم السلطان بشنق علي بن أبي الجود فشنق علي باب زويلة واستمر معلقا ثلاثة أيام ولم يرث له أحد من الناس ولاترحم عليه مما سبق منه في حق الناس من الافعال الشنيعة(8). 
 أما منشأ هذا الحمام فهو المقر السيفي سيف الدين شيخو العمري الناصري وهو أول من سمي بأمير كبير وكان ذلك في عهد الملك الناصر حسن ولبس له خلعة وصارت من يومئذ وظيفة مستقلة وأصبح بذلك في دولة الناصر حسن صاحب الحل والعقد ومدبر المملكة وكان معه وقتئذ الامير صرغتمش رأس نوبة النواب 
 ومن أثارة الباقية حتي الان هو مسجد شيخو وايضا الخانقاة الموجودين بشارع الصليبة وايضا له أثر أخر في الحطابة وهو سبيل شيخو

وبوابة الحمام تطل بواجهتها علي شارع شيخو بالصليبة أمام سبيل ام العباس وبجوار محل للجزارة 

وقد وثقت هذا الحمام أثناء صعودي لمئذنة خانقاة شيخو وجدت قباب هذا الحمام في حالة اندثار لم يتبق منها الا أنقاض وقبة الحمام باقية ويقع مدخل الحمام داخل حنية كبيرة ذات عقد مدبب ترتد عن سمت الحائط . اما المدخل نفسه فهو عبارة عن فتحة باب مستطيلة ذات عقد مدبب يغلق على القسم المستطيل منه باب خشبي بسيط من ضلفة واحدة اما القسم المعقود فيغشيه تكسية معدنية لها زخارف ملتفة وأشكال حلزونية ويعلو فتحة المدخل نافذة صغيرة ذات عقد مفصص ويغشيها تكسية من قضبان معدنية.
والحالة المعمارية للحمام سيئة للغاية حيث انه لم يتبقي من وحداتة المعمارية غير المدخل وجزء بسيط من السقف يتخللة قبة الحمام .

1- (ص 34 من رواية الزيني بركات كتاب اليوم العدد 277 يناير 1988).
2- (صفحة 368 من كتاب حضارة العرب لغوستاف لوبون ترجمة عادل زعيتر الاعمال الفكرية مكتبة الاسرة 2000 )
3- ((صفحة 710 من كتاب المختار من بدائع الزهور في وقائع الدهور لابن اياس طبعة 1961م))
4- ((صفحة 711 من كتاب المختار من بدائع الزهور في وقائع الدهور لابن اياس طبعة 1961م))
5- ((صفحة 713 من كتاب المختار من بدائع الزهور في وقائع الدهور لابن اياس طبعة 1961م))
6- ((صفحة 714 من كتاب المختار من بدائع الزهور في وقائع الدهور لابن اياس طبعة 1961م))
7- ((صفحة 715 من كتاب المختار من بدائع الزهور في وقائع الدهور لابن اياس طبعة 1961م))
8- ((صفحة 717 من كتاب المختار من بدائع الزهور في وقائع الدهور لابن اياس طبعة 1961م)).