السبت، 11 فبراير 2017

القاضي أبو بكر مزهر

القاضي أبو بكر مزهر
يقول أحد المؤرخين ان احسن مايجب أن يعتني به ويلم بجانبة بعد الكتاب والسنة معرفة الاخبار وتقييد المناقب والاثار ففيها تذكرة تقلب الدهر بابنائة وتنبيه أهل العلم الذي يجب أن تتبع أثارهم وتدون مناقبهم وأخبارهم فيجد في الطلب ليلحق بهم ومن هذا المنطلق أخذت علي عاتقي تراجم العلماء وأحوالهم ومناقبهم وفؤائدهم النفيسة وبينما كنت أفكر في التراجم وأنا أطوف في شوارع مصرنا الحبيبة وتحديدا في حارة برجوان وجدت مسجد ومدرسة قديمة لايعرفها الكثيرون ومغلقة وقفت أتامل مابها من جمال ومهابة فجلست أمامها واذا بي أتخيل الان صاحبها أمامي وهو يحدثني قائلا :-
انا زين الدين أبو بكر محمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الخالق بن عثمان بن البدر بن البدر الانصاري الدمشقي الاصل القاهري الشافعي
ولدت في القاهرة في رجب سنة 831 هجريا  والدي توفي وانا صغير وتربيت في حجر السعادة وهو قريب من باب النصر وهو مكان كبير في نصف دار الوزارة الي جانبة باب القوس الذي يسمي باب النصر قديما وكانت تربي فية جماعات من الشباب يسمون صبيان الحجر يكونون من جهات متعددة
علي أيدي الفقهاء وحفظت القرأن الكريم والعمدة والمنهاج والنحو وغيرها وعرضت علي أفضل العلماء في عصري كأبن القادري والبلقيني جالست أهل العلم حتي تميزت وفوض الي التكلم في القضاة وحججت أكثر من مرة وصليت بالناس اماما في المدينة المنورة وعرضت علي ان اكون خطيبا بها ولكني امتنعت عنها تأدبا منها










كنت علي رأس أرباب الدولة الذين مشوا أمام محفة خوند فاطمة زوجة السلطان قايتباي عندما حجت في سنة 879 هجريا وصاحبت السلطان نفسة في رحلتة الي بيت المقدس
توليت نظارة الاصطبل وهي مباشرة الاصطبلات السلطانية بما فيها من دواب من خيول وبغال وجمال وحمير وهُجن والعناية بعليقها وعلفها، وتجهيز أدواتها وسروجها، وتدبير ارزاق المستخدمين فيها.. والاستعداد الدائم لتحركات السلطان من سفر أو ترحال في ليل أو نهار

















كما توليت نظارة الجوالي المصرية والشامية وهي أن أشرف على الأموال التي تجمع من أهل الذمة من الجزية
كما توليت وكالة بيت المال في جميع حقوق المسلمين المكلف في المخاصمة عنهم والقائم للدعوى لهم وعليهم، المعد لتصحيح العقود وترجيح جهة بيت المال في العقار والثمن المعقود.. وبه يتم عقد كل بيع أو إيجار. وكان يعاون وكيل بيت المال شاد الدواوين وناظر الخاص
كما توليت نظارة الجيش وكنت أنظر في أمر قطاعات المملكة في مصر أو في الشام ومشاورة السلطان في أمرها وكان له معاونون منهم نقيب الجيوش
وايضا توليت ديوان الإنشاء فلم يكن يتولَّى ديوان الإنشاء إلا أجلُّ كُتَّاب البلاغة، ويُخاطَب بالشيخ الأجلِّ، فكان يُسلَّم المكاتبات الواردة، فيَعرضها على الخليفة من بعده، وهو الذي يأمر بالإجابة عنها للكُتَّاب، والخليفة يستشيره في أموره، ولا يُحجب عنه متى قصد المثول بين يديه، وهذا أمر لا يصل إليه غيره، وربما بات عند الخليفة ليالي، وكان راتبه مائة وعشرين دينارًا في الشهر، وهذا مبلغ كبير يُدلل على عظم هذه الرتبة عند السلطان؛ ولذلك كان كاتب الإنشاء أول أرباب الإقطاعات، وأرباب الكسوة والرسوم والملاطفات، ولا سبيل أن يَدْخُل إلى ديوانه بالقصر ولا يجتمع بكُتَّابه أحدٌ إلا الخواص، وله حاجب من الأمراء الشيوخ، وفرَّاشون، وله المرتبة الهائلة، والمخادُّ والمسند والدواة، ويحملها أُستاذ من أُستاذي الخليفة



كنت اعد الولائم في حفلات ختان اولادي في بركة الرطلي ثلاث ليال متوالية كان ليل البركة فيها كأنة نهار ولم تغب شمسة
كنت مع السلطان قايتباي حينما توجه من البحر يوم وفاء النيل من كثرة ماء النيل في الطرقات وكان معي وقتها من الامراء الاتابكي أزبك ويشبك الدوادار وخاير بك ابن حريد وأزبك اليوسفي وعدة وافرة من الامراء الطبلخانات والعشراوات وانا كنت معه من المباشرين وكنت كاتبا للسر وقتها ومن المواقف المهمة في حياتي يوم أن عمل السلطان المولد النبوي بالقلعة وكان يوما حافلا وحضر القضاة الاربعة وجميع الامراء فلما انقضي أمر المولد نزل السلطان من القلعة وتوجة الي ثغر الاسكندرية فسافر من البر وسافرت معه وكنت متوعكا في جسدي فلما وصلنا اسكندرية زينت للسلطان حافلة وخرج الي لقائة الملك المؤيد أحمد بن الاشرف اينال واصطف الناس في شوارع المدينة بسبب الفرجة ودخل السلطان في موكب مهيب حافل وجميع من معه من الامراء وأعيان المباشرين وأرباب الدولة وكان له يوم مشهود  
استخدمت شخصا اسمة يوسف وكان يهودي الديانة وكلفتة بالقيام علي عمارة مدرستي هذه وهي الان بحارة برجوان المتفرعة من شارع المعز لدين الله وظل هذا اليهودي يطالع كتب الدين الاسلامي حتي اهتدي أخر الامر الي الاسلام
أنشات في هذه المدرسة سبيلا أمر بإنشاء هذا السبيل المبارك العبد الفقير المعترف الأمير العالي القاضوي الأصيلي الصيرفي العالمي العاملي أبو بكر مزهر الأنصاري الشافعي ناظر ديوان الإنشاء الشريف الملكي الأشرفي غفر الله له وللمسلمين. وكان الفراغ منه في عام أربع وثمانين وثمانمائة





ومسجدي هذا يحتوي علي واحدة من الظواهر النادرة جدا في العمارة الإسلامية,وتتمثل في أن المسجد من الداخل يحمل توقيع الشخص الذي بناه وتحديدا من قام بعمل النقوش والزخارف,وهذا موجود علي المنبر في عقد أحد شبابيكه وإسمه"عمل عبد القادر النقاش"
وقد تحدث عن تلك المدرسة علي مبارك وقال  جامع أبو بكر مزهر محكم البناء باق على هيئته الأصلية ويتبعه سبيل كبير وشعائره مقامه من ريع أوقافه. علي يمين المدخل مئذنة ذات بدن دائري تقوم على قاعدة مربعة، وتتكون المئذنة من ثلاث دورات يزين بدنها من الخارج زخارف نباتية وهندسية ومعمارية. تتكون كتلة السبيل والكتاب والقاعة الملحقة بالمسجد من ثلاثة أدوار ويوجد السبيل وملحقاته في الدور الأرضي.. والكتاب بالدور الثاني.. والقاعة بالدور الثالث وهي مستطيلة أمامها رحبة ( طرقة واسعة) بها ارفف من الخشب يبدو انها كانت تستخدم كمكتبه للمدرسة. والمدرسة من المباني المعلقة يوجد تحتها مجموعة من الحواصل ( مفردها حاصل وهي حجرة أو خلوة)، يبدو أنها كنت سكن للدارسين والمتصوفين
توفيت في يوم الخميس السادس من رمضان سنة 893 هجري ودفنت في ليلة الجمعة في تربتي في الصحراء









المراجع
سعاد ماهر: مساجد مصر
الجهشياري: الوزراء والكتاب
عبد الرحمن زكي: موسوعة مدينة القاهرة في ألف عام
السخاوي : الضوء اللامع
ابن كثير: البداية والنهاية
قدامة بن جعفر: الخراج وصناعة الكتابة
المقريزي: المواعظ والاعتبار

القلقشندي: صبح الأعشى